الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: البداية والنهاية **
حديث غدير خم قال الإمام أحمد: حدثنا حسين بن محمد وأبو نعيم المعنى قالا: ثنا فطّر، عن أبي الطفيل قال: جمع علي الناس في الرحبة. ثم قال لهم: أنشد الله كل امرئ مسلم سمع رسول الله يقول: يوم غدير خم ما سمع لما قام فقام كثير من الناس. قال أبو نعيم: - فقام ناس كثير - فشهدوا حين أخذ بيده، فقال للناس: ((أتعلمون إني أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟)). قالوا: نعم يا رسول الله. قال: ((من كنت مولاه فهذا مولاه، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه)). قال: فخرجت كأن في نفسي شيئاً، فلقيت زيد بن أرقم. فقلت له: إني سمعت علياً يقول: كذا وكذا. قال: فما تنكر؟ وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول ذلك له. ورواه النسائي من حديث حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الطفيل عنه أتم من ذلك. وقال أبو بكر الشافعي: ثنا محمد بن سليمان بن الحارث، حدثنا عبيد الله بن موسى، ثنا أبو إسرائيل الملائي، عن الحكم، عن أبي سليمان المؤذن، عن زيد بن أرقم أن علياً انتشد الناس: من سمع رسول الله يقول: ((من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه)). فقام ستة عشر رجلاً فشهدوا بذلك وكنت فيهم. وقال أبو يعلى، وعبد الله بن أحمد في مسند أبيه: حدثنا القواريري، ثنا يونس بن أرقم، ثنا يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: شهدت علياً في الرحبة يناشد الناس: أنشد بالله من سمع رسول الله، يقول: يوم غدير خم: ((من كنت مولاه فعلي مولاه)) لما قام فشهد قال عبد الرحمن: فقام اثنا عشر بدرياً كأني أنظر إلى أحدهم عليه سراويل. فقالوا: نشهد أنا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم: ((ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجي أمهاتهم ؟)). قلنا: بلى يا رسول الله. قال: ((فمن كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه)). (ج/ص: 7/384) ثم رواه عبد الله بن أحمد، عن أحمد بن عمر الوكيعي، عن زيد بن الحباب، عن الوليد بن عقبة بن نيار، عن سماك بن عبيد بن الوليد العبسي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى فذكره. قال: فقام اثنا عشر رجلاً. فقالوا: قد رأيناه وسمعناه حين أخذ بيدك، يقول: ((اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله)). وهكذا رواه أبو داود الطهوي - واسمه عيسى بن مسلم - عن عمرو بن عبد الله بن هند الجملي، وعبد الأعلى بن عامر التغلبي كلاهما، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى فذكره بنحوه. قال الدار قطني: غريب تفرد به عنهما أبو داود الطهوي. وقال الطبراني: ثنا أحمد بن إبراهيم بن عبد الله بن كيسان المديني سنة تسعين ومائتين. حدثنا إسماعيل بن عمرو البجلي، ثنا مسعر، عن طلحة بن مصرف، عن عميرة بن سعد قال: شهدت علياً على المنبر يناشد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. من سمع رسول الله يوم غدير خم يقول: ما قال فقام اثنا عشر رجلاً منهم أبو هريرة، وأبو سعيد، وأنس بن مالك فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله يقول: ((من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه)). ورواه أبو العباس بن عقدة الحافظي الشيعي، عن الحسن بن علي بن عفان العامري، عن عبد الله بن موسى، عن قطن، عن عمرو بن مرة، وسعيد بن وهب، وعن زيد بن نتيع قالوا: سمعنا علياً يقول في الرحبة: فذكر نحوه فقام ثلاثة عشر رجلاً، فشهدوا أن رسول الله قال: ((من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وأحب من أحبه، وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره، واخذل من خذله)). قال أبو إسحاق: حين فرغ من هذا الحديث يا أبا بكر أي أشياخ هم ؟. وكذلك رواه عبد الله بن أحمد، عن علي بن حكيم الأودي، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق فذكر نحوه. وقال عبد الرزاق: عن أبي إسحاق، عن سعيد بن وهب، وعبد خير قالا: سمعنا علياً برحبة الكوفة يقول: أنشد الله رجلاً سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من كنت مولاه فعلي مولاه))، فقام عدة من أصحاب رسول الله فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك. وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة، عن أبي إسحاق سمعت سعيد بن وهب قال: نشد علي الناس فقام خمسة أو ستة من أصحاب رسول الله، فشهدوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من كنت مولاه فعلي مولاه)). وقال أحمد: حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا حسين بن الحرث بن لقيط الأشجعي، عن رباح بن الحرث قال: جاء رهط إلى علي بالرحبة فقالوا: السلام عليكم يا مولانا. فقال: كيف أكون مولاكم وأنتم قوم عرب ؟. قالوا: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم يقول: ((من كنت مولاه فإن هذا علي مولاه)). (ج/ص: 7/385) قال رباح: فلما مضوا اتبعتهم، فسألت من هؤلاء؟ قالوا: نفر من الأنصار فيهم أبو أيوب الأنصاري. وقال أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا شريك، عن حنش عن رباح بن الحرث قال: بينا نحن جلوس في الرحبة مع علي إذ جاء رجل عليه أثر السفر. فقال: السلام عليك يا مولاي. قالوا: من هذا؟ فقال أبو أيوب: سمعت رسول الله يقول: ((من كنت مولاه فعلي مولاه)). وقال أحمد: حدثنا محمد بن عبد الله، ثنا الربيع - يعني: ابن أبي صالح الأسلمي - حدثني زياد بن أبي زياد الأسلمي، سمعت علي بن أبي طالب ينشد الناس فقال: أنشد الله رجلاً مسلماً سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يوم غدير خم ما قال، فقام اثنا عشر رجلاً بدرياً فشهدوا. وقال أحمد: حدثنا ابن نمير، ثنا عبد الملك، عن أبي عبد الرحمن الكندي، عن زاذان، أن ابن عمر قال: سمعت علياً في الرحبة وهو ينشد الناس: من شهد رسول الله يوم غدير خم وهو يقول ما قال؟ فقام ثلاثة عشر رجلاً، فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله يقول: ((من كنت مولاه فعلي مولاه)). وقال أحمد: ثنا الحجاج بن الشاعر، ثنا شبابة، ثنا نعيم بن حكيم، حدثني أبو مريم ورجل من جلساء علي عن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم غدير خم: ((من كنت مولاه فعلي مولاه)). قال: فزاد الناس بعد اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه. وقد روي هذا من طرق متعددة، عن علي رضي الله عنه، وله طرق متعددة عن زيد بن أرقم. وقال غندر: عن شعبة، عن سلمة بن كهيل، سمعت أبا الطفيل يحدث عن أبي مريم أو زيد بن أرقم - شعبة الشاك - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من كنت مولاه فعلي مولاه)). قال سعيد بن جبير: وأنا قد سمعته قبل هذا من ابن عباس. رواه الترمذي، عن بندار، عن غندر، وقال حسن غريب. وقال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا أبو عوانة، عن المغيرة، عن أبي عبيد، عن ميمون بن أبي عبد الله قال: قال زيد بن أرقم وأنا أسمع: نزلنا مع رسول الله بوادٍ يقال له واد خُم، فأمر بالصلاة فصلاها بهجير. قال: فخطبنا وظلل لرسول الله صلى الله عليه وسلم بثوب على شجرة سمر من الشمس فقال: ((ألستم تعلمون - أو لستم تشهدون - إني أولى بكل مؤمن من نفسه ؟)). قالوا: بلى! قال: ((فمن كنت مولاه، فإن علياً مولاه، اللهم عاد من عاداه ووالِ من والاه)). وكذا رواه أحمد: عن غندر، عن شعبة، عن ميمون بن أبي عبد الله، عن زيد بن أرقم. وقد رواه عن زيد بن أرقم جماعة منهم أبو إسحاق السبيعي، و حبيب الأساف و عطية العوفي و أبو عبد الله الشامي، و أبو الطفيل عامر بن واثلة. وقد رواه معروف بن حربوذ، عن أبي الطفيل، عن حذيفة بن أسيد قال: لما قفل رسول الله من حجة الوداع نهى أصحابه عن شجرات بالبطحاء متقاربات أن ينزلوا حولهن، ثم بعث إليهن فصلى تحتهن. ثم قام فقال: ((أيها الناس قد نبأني اللطيف الخبير أنه لم يعمر نبي إلا مثل نصف عمر الذي قبله، وإني لأظن أن يوشك أن ادعى فأجيب، وإني مسؤول وأنتم مسؤلون، فماذا أنتم قائلون ؟)). (ج/ص: 7 /386) قالوا: نشهد أنك قد بلّغت ونصحت وجهدت فجزاك الله خيراً. قال: ((ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن جنته حق، وأن ناره حق، وأن الموت حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور ؟)). قالوا: بلى نشهد بذلك. قال: ((اللهم أشهد)). ثم قال: ((يا أيها الناس، إن الله مولاي، وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم من كنت مولاه فهذا مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه)). ثم قال: ((أيها الناس إني فرطكم وإنكم واردون عليّ الحوض، حوض أعرض مما بين بصرى وصنعاء فيه آنية عدد النجوم قدحان من فضة، وإني سائلكم حين تردون عليّ عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما؟ الثقل الأكبر كتاب الله سبب طرفه بيد الله، وطرف بأيديكم فاستمسكوا به لا تضلوا ولا تبدلوا، وعترتي أهل بيتي فإنه قد نبأني اللطيف الخبير إنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض)). رواه ابن عساكر بطوله من طريق معروف كما ذكرنا. وقال عبد الرزاق: أنا معمر، عن علي بن زيد بن جدعان، عن عدي بن ثابت، عن البراء بن عازب قال: خرجنا مع رسول الله حتى نزلنا غدير خم بعث منادياً ينادي. فلما اجتمعنا قال: ((ألست أولى بكم من أنفسكم ؟)) قلنا: بلى يا رسول الله !. قال: ((ألست أولى بكم من أمهاتكم ؟)). قلنا: بلى يا رسول الله. قال: ((ألست أولى بكم من آبائكم ؟)). قلنا: بلى يا رسول الله !. قال: ((ألست ألست ألست ؟)). قلنا: بلى يا رسول الله. قال: ((من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه)). فقال عمر بن الخطاب: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب أصبحت اليوم ولي كل مؤمن. وكذا رواه ابن ماجه من حديث حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، وأبي هارون العبدي، عن عدي بن ثابت، عن البراء به. وهكذا رواه موسى بن عثمان الحضرمي، عن أبي إسحاق، عن البراء به. وقد روي هذا الحديث عن سعد، وطلحة بن عبيد الله، وجابر بن عبد الله وله طرق عنه، وأبي سعيد الخدري، وحبشي بن جنادة، وجرير بن عبد الله، وعمر بن الخطاب، وأبي هريرة. وله عنه طرق منها - وهي: أغربها - الطريق الذي قال الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي: ثنا عبد الله بن علي بن محمد بن بشران، أنا علي بن عمر الحافظ، أنا أبو نصر حبشون بن موسى بن أيوب الخلال، ثنا علي بن سعيد الرملي، حدثنا ضمرة بن ربيعة القرشي. عن ابن شوذب، عن مطر الوراق، عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة قال: من صام يوم ثماني عشرة ذي الحجة كتب له صيام ستين شهراً، وهو يوم غدير خم، لما أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد علي بن أبي طالب. فقال: ((ألست ولي المؤمنين؟)). قالوا: بلى يا رسول الله! قال: ((من كنت مولاه فعلي مولاه)). فقال عمر بن الخطاب: بخ بخ لك يا ابن أبي طالب، أصبحت مولاي، ومولى كل مسلم، فأنزل الله عز وجل: ( ومن صام يوم سبعة وعشرين من رجب كتب له صيام ستين شهراً، وهو أول يوم نزل جبريل في الرسالة. قال الخطيب: اشتهر هذا الحديث برواية حبشون، وكان يقال: إنه تفرد به. وقد تابعه عليه أحمد بن عبيد الله بن العباس بن سالم بن مهران، المعروف: بابن النبري، عن علي بن سعيد الشامي. قلت: وفيه نكارة من وجوه منها، قوله نزل فيه: ((اليوم أكملت لك دينكم)). وقد ورد مثله من طريق ابن هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري ولا يصح أيضاً، وإنما نزل يوم عرفة كما ثبت في (الصحيحين) عن عمر بن الخطاب وقد تقدم. (ج/ص: 7/ 387) وقد رُوي عن جماعة من الصحابة غير من ذكرنا في قوله عليه السلام ((من كنت مولاه)) والأسانيد إليهم ضعيفة. حديث الطير وهذا الحديث قد صنف الناس فيه، وله طرق متعددة، وفي كل منها نظر، ونحن نشير إلى شيء من ذلك. قال الترمذي: حدثنا سفيان بن وكيع، حدثنا عبيد الله بن موسى، عن عيسى بن عمر، عن السُّدي، عن أنس قال: كان عند النبي صلى الله عليه وسلم طير. فقال: ((اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير))، فجاء علي فأكل معه. ثم قال الترمذي: غريب لا نعرفه من حديث السُّدي إلا من هذا الوجه. قال: وقد رُوي من غير وجه عن أنس، وقد رواه أبو يعلى عن الحسين بن حماد، عن شهر بن عبد الملك، عن عيسى بن عمر به. وقال أبو يعلى: ثنا قطن بن بشير، ثنا جعفر بن سليمان الضبعي، ثنا عبد الله بن مثنى، ثنا عبد الله بن أنس، عن أنس بن مالك قال: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم حجل مشوي بخبزه وضيافة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطعام)). فقالت عائشة: اللهم اجعله أبي. وقالت حفصة: اللهم اجعله أبي. وقال أنس: وقلت: اللهم اجعله سعد بن عبادة. قال أنس: فسمعت حركة بالباب فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم على حاجة فانصرف، ثم سمعت حركة بالباب فخرجت فإذا علي بالباب. فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم على حاجة فانصرف ثم سمعت حركة بالباب فسلم عليَّ فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته فقال: ((انظر من هذا ؟)) فخرجت فإذا هو علي، فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: ((ائذن له يدخل عليَّ)) فأذنت له فدخل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم والِ من والاه)). والى ورواه الحاكم في (مستدركه) عن أبي علي الحافظ، عن محمد بن أحمد الصفار، وحميد بن يونس الزيات، كلاهما عن محمد بن أحمد بن عياض، عن أبي غسان أحمد بن عياض، عن أبي ظبية، عن يحيى بن حسان، عن سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، عن أنس فذكره، وهذا إسناد غريب. ثم قال الحاكم: هذا الحديث على شرط البخاري ومسلم، وهذا فيه نظر، فإن أبا علاثة محمد بن أحمد بن عياض هذا معروف، لكن روى هذا الحديث عنه جماعة عن أبيه، وممن رواه عنه أبو القاسم الطبراني، ثم قال: تفرد به عن أبيه والله أعلم. قال الحاكم: وقد رواه عن أنس أكثر من ثلاثين نفساً. قال شيخنا الحافظ الكبير أبو عبد الله الذهبي: فصلهم بثقة يصح الإسناد إليه. ثم قال الحاكم: وصحت الرواية عن علي، وأبي سعيد، وسفينة. قال شيخنا أبو عبد الله: لا والله ما صح شيء من ذلك. ورواه الحاكم من طريق إبراهيم بن ثابت القصار وهو مجهول، عن ثابت البناني، عن أنس قال: دخل محمد بن الحجاج فجعل يسب علياً فقال أنس: اسكت عن سب علي، فذكر الحديث مطولاً وهو منكر سنداً ومتناً. لم يورد الحاكم في (مستدركه) غير هذين الحديثين وقد رواه ابن أبي حاتم عن عمار بن خالد الواسطي، عن إسحاق الأزرق، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن أنس، وهذا أجود من إسناد الحاكم. (ج/ص: 7/388) ورواه عبد الله بن زياد، أبو العلاء، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب، عن أنس بن مالك فقال: أُهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم طير مشوي. فقال: ((اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير)) فذكره نحوه. ورواه محمد بن مصفى، عن حفص بن عمر، عن موسى بن سعد، عن الحسن، عن أنس فذكره. ورواه علي بن الحسن الشامي، عن خليل بن دعلج، عن قتادة، عن أنس بنحوه. ورواه أحمد بن يزيد الورتنيس، عن زهير، عن عثمان الطويل، عن أنس فذكره. ورواه عبيد الله بن موسى، عن مسكين بن عبد العزيز، عن ميمون أبي خلف، حدثني أنس بن مالك فذكره. قال الدار قطني: من حديث ميمون أبي خلف تفرد به مسكين بن عبد العزيز، ورواه الحجاج بن يوسف بن قتيبة، عن بشر بن الحسين، عن الزبير بن عدي، عن أنس. ورواه ابن يعقوب إسحاق بن الفيض، ثنا المضاء بن الجارود، عن عبد العزيز بن زياد: أن الحجاج بن يوسف دعا أنس بن مالك من البصرة، فسأله عن علي بن أبي طالب فقال: أهدي للنبي صلى الله عليه وسلم طائر فأمر به فطبخ وصنع، فقال: ((اللهم ائتني بأحب الخلق إليّ يأكل معي)). فذكره. وقال الخطيب البغدادي: أنا الحسن بن أبي بكير، أنا أبو بكر محمد بن العباس بن نجيح، حدثنا محمد بن القاسم النحوي أبو عبد الله، ثنا أبو عاصم، عن أبي الهندي، عن أنس فذكره. ورواه الحاكم بن محمد، عن محمد بن سليم، عن أنس بن مالك فذكره. وقال أبو يعلى: حدثنا الحسن بن حماد الوراق، ثنا مسهر بن عبد الملك بن سلع ثقة، ثنا عيسى بن عمر، عن إسماعيل السدي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عنده طائر. فقال: ((اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير)) فجاء أبو بكر فرده، ثم جاء عمر فرده، ثم جاء عثمان فرده، ثم جاء علي فأذن له. وقال أبو القاسم بن عقدة: ثنا محمد بن أحمد بن الحسن، ثنا يوسف بن عدي، ثنا حماد بن المختار الكوفي، ثنا عبد الملك بن عمير، عن أنس بن مالك قال: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم طائر فوضع بين يديه. فقال: ((اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي)) قال: فجاء علي فدق الباب، فقلت: من ذا؟ فقال: أنا علي. فقلت: إن رسول الله على حاجة حتى فعل ذلك ثلاثاً، فجاء الرابعة فضرب الباب برجله فدخل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما حبسك ؟)) فقال: جئت ثلاث مرات فيحبسني أنس. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما حملك على ذلك ؟)) قال: قلت: كنت أحب أن يكون رجلاً من قومي. وقد رواه الحاكم النيسابوري عن عبدان بن يزيد، عن يعقوب الدقاق، عن إبراهيم بن الحسن الشامي، عن أبي توبة الربيع بن نافع، عن حسين بن سليمان بن عبد الملك بن عمير، عن أنس فذكره. ثم قال الحاكم: لم نكتبه إلا بهذا الإسناد. وساقه ابن عساكر من حديث الحرث بن نبهان، عن إسماعيل - رجل من أهل الكوفة - عن أنس بن مالك فذكره. ومن حديث حفص بن عمر المهرقاني، عن الحكم بن شبير بن إسماعيل أبي سليمان أخي إسحاق بن سليمان الرازي، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن أنس فذكره. ومن حديث سليمان بن قرم، عن محمد بن علي السلمي، عن أبي حذيفة العقيلي، عن أنس فذكره. (ج/ص: 7/389) وقال أبو يعلى: ثنا أبو هشام، ثنا ابن فضيل، ثنا مسلم الملائي، عن أنس قال: أهدت أم أيمن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم طيراً مشوياً. فقال: ((اللهم ائتني بمن تحبه يأكل معي من هذا الطير)). قال أنس: فجاء علي فاستأذن. فقلت: هو على حاجته، فرجع ثم عاد فاستأذن. فقلت: هو على حاجته فرجع، ثم عاد فاستأذن فسمع النبي صلى الله عليه وسلم صوته فقال: ((ائذن له))، فدخل وهو موضوع بين يديه، فأكل منه وحمد الله. فهذه طرق متعددة عن أنس بن مالك، وكل منها فيه ضعف ومقال. وقال شيخنا أبو عبد الله الذهبي - في جزء جمعه في هذا الحديث بعد ما أورد طرقاً متعددة نحو مما ذكرنا -ويروى هذا الحديث من وجوه باطلة أو مظلمة عن حجاج بن يوسف، وأبي عاصم خالد بن عبيد، ودينار أبي كيسان، وزياد بن محمد الثقفي، وزياد العبسي، وزياد بن المنذر. وسعد بن ميسرة البكري، وسليمان التيمي، وسليمان بن علي الأمير، وسلمة بن وردان، وصباح بن محارب، وطلحة بن مصرف، وأبي الزناد، وعبد الأعلى بن عامر، وعمر بن راشد، وعمر بن أبي حفص الثقفي الضرير، وعمر بن سليم البجلي، وعمر بن يحيى الثقفي، وعثمان الطويل. وعلي بن أبي رافع، وعيسى بن طهمان، وعطية العوفي، وعباد بن عبد الصمد، وعمار الذهبي، وعباس بن علي، وفضيل بن غزوان، وقاسم بن جندب، وكلثوم بن جبر، ومحمد بن علي الباقر، والزهري، ومحمد بن عمرو بن علقمة. ومحمد بن مالك الثقفي، ومحمد بن جحادة، وميمون بن مهران، وموسى الطويل، وميمون بن جابر السلمي، ومنصور بن عبد الحميد، ومعلى بن أنس، وميمون أبي خلف الجراف. وقيل: أبو خالد، ومطر بن خالد، ومعاوية بن عبد الله بن جعفر، وموسى بن عبد الله الجهني، ونافع مولى ابن عمر، والنضر بن أنس بن مالك، ويوسف بن إبراهيم، ويونس بن حيان، ويزيد بن سفيان، ويزيد بن أبي حبيب، وأبي المليح، وأبي الحكم، وأبي داود السبيعي، وأبي حمزة الواسطي، وأبي حذيفة العقيلي، وإبراهيم بن هدبة. ثم قال بعد أن ذكر الجميع: الجميع بضعة وتسعون نفساً أقربها غرائب ضعيفة، وأردؤها طرق مختلفة مفتعلة، وغالبها طرق واهية. وقد روي من حديث سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو القاسم البغوي، وأبو يعلى الموصلي قالا: حدثنا القواريري، ثنا يونس بن أرقم، ثنا مطير بن أبي خالد، عن ثابت البجلي، عن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: أهدت امرأة من الأنصار طائرين بين رغيفين - ولم يكن في البيت غيري وغير أنس - فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا بغذائه. فقلت: يا رسول الله قد أهدت لك امرأة من الأنصار هدية، فقدمت الطائرين إليه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم ائتني بأحب خلقك إليك وإلى رسولك)). فجاء علي بن أبي طالب فضرب الباب خفياً، فقلت: من هذا؟ قال: أبو الحسن، ثم ضرب الباب ورفع صوته. فقال رسول الله: ((من هذا))؟ قلت: علي بن أبي طالب. قال: ((افتح له))، ففتحت له فأكل معه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطيرين حتى فنيا. وروي عن ابن عباس، فقال أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد: ثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، ثنا حسين بن محمد، ثنا سليمان بن قرم، عن محمد بن شعيب، عن داود بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن جده ابن عباس. قال: أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتي بطائر. فقال: ((اللهم ائتني برجل يحبه الله ورسوله))، فجاء علي فقال: ((اللهم وإلي)). (ج/ص: 7/390) وروى عن علي نفسه، فقال عباد بن يعقوب: ثنا عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي، حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي قال: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم طير يقال له الحبارى، فوضعت بين يديه -. وكان أنس بن مالك يحجبه - فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يده إلى الله ثم قال: ((اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي هذا الطير)). قال: فجاء علي فاستأذن. فقال له أنس: أن رسول الله يعني على حاجته. فرجع ثم أعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم الدعاء فرجع، ثم دعا الثالثة فجاء علي فأدخله، فلما رآه رسول الله قال: ((اللهم وإلي)) فأكل معه. فلما أكل رسول الله وخرج علي، قال أنس: سمعت علياً فقلت: يا أبا الحسن استغفر لي فإن لي إليك ذنب، وإن عندي بشارة، فأخبرته بما كان من النبي صلى الله عليه وسلم، فحمد الله، واستغفر لي، ورضي عني أذهب ذنبي عنده بشارتي إياه. ومن حديث جابر بن عبد الله الأنصاري، أورده ابن عساكر من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث، عن ابن لهيعة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر فذكره بطوله. وقد روي أيضاً من حديث أبي سعيد الخدري، وصححه الحاكم، ولكن إسناده مظلم، وفيه ضعفاء. وروي من حديث حبشي بن جنادة، ولا يصح أيضاً. ومن حديث يعلى بن مرة، والإسناد إليه مظلم، ومن حديث أبي رافع نحوه، وليس بصحيح. وقد جمع الناس في هذا الحديث مصنفات مفردة منهم: أبو بكر بن مردويه، والحافظ أبو طاهر محمد بن أحمد بن حمدان فيما رواه شيخنا أبو عبد الله الذهبي، ورأيت فيه مجلداً في جمع طرقه وألفاظه لأبي جعفر بن جرير الطبري المفسر صاحب (التاريخ). ثم وقفت على مجلد كبير في رده وتضعيفه سنداً ومتناً للقاضي أبي بكر الباقلاني المتكلم. وبالجملة ففي القلب من صحة الحديث هذا نظر، وإن كثرت طرقه والله أعلم. حديث آخر في فضل علي قال أبو بكر الشافعي: ثنا بشر بن موسى الأسدي، ثنا زكريا بن عدي، ثنا عبد الله بن عمرو، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى امرأة من الأنصار في نخل لها يقال له: الإسراف. ففرشت لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت صور لها مرشوش. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الآن يأتيكم رجل من أهل الجنة))، فجاءه أبو بكر. ثم قال: ((الآن يأتيكم رجل من أهل الجنة))، فجاء عمر. ثم قال: ((الآن يأتيكم رجل من أهل الجنة)). قال: فلقد رأيته مطاطياً رأسه تحت الصور. ثم يقول: ((اللهم إن شئت جعلته علياً)) فجاء علي. ثم إن الأنصارية ذبحت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة وصنعتها فأكل وأكلنا، فلما حضرت الظهر قام يصلي وصلينا ما توضأ ولا توضأنا، فلما حضرت العصر صلى وما توضأ ولا توضأنا. حديث آخر قال أبو يعلى: حدثنا الحسن بن حماد الكوفي، ثنا ابن أبي عتبة، عن أبيه، عن الشيباني، عن جميع بن عمير قال: دخلت مع أبي على عائشة فسألتها عن علي فقالت: ما رأيت رجلاً كان أحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم منه، ولا امرأة كانت أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من امرأته. وقد رواه غير واحد من الشيعة عن جميع بن عمير به. (ج/ص: 7/391) حديث آخر قال الإمام أحمد: ثنا يحيى بن بكير، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي عبد الله الجدلي البجلي قال: دخلت على أم سلمة فقالت لي: أيسب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكم؟ فقلت: معاذ الله - أو سبحان الله - أو كلمة نحوها. قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من سب علياً فقد سبني)). وقد رواه أبو يعلى، عن عبيد الله بن موسى، عن عيسى بن عبد الرحمن البجلي، من بجيلة من سليم، عن السدي، عن أبي عبد الله البجلي قال: قالت لي أم سلمة: أيسب رسول الله فيكم على المنابر ؟. قال: قلت وأنى ذلك ؟. قالت: أليس يسب علي ومن أحبه؟ فأشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحبه. وقد روي من غير هذا الوجه عن أم سلمة. وقد ورد من حديثها، وحديث جابر وأبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي: ((كذب من زعم أنه يحبني ويبغضك)). ولكن أسانيدها كلها ضعيفة لا يحتج بها. حديث آخر قال عبد الرزاق: أنا الثوري، عن الأعمش، عن عدي بن ثابت، عن زر بن حبيش قال: سمعت علياً يقول: والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة إنه لعهد النبي صلى الله عليه وسلم إليّ ((أنه لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق)). ورواه أحمد، عن ابن عمير، ووكيع، عن الأعمش. وكذلك رواه أبو معاوية، ومحمد بن فضيل، وعبد الله بن داود الحربي، وعبيد الله بن موسى، ومحاضر بن المورع، ويحيى بن عيسى الرملي، عن الأعمش به. وأخرجه مسلم في (صحيحه) عن... ورواه غسان بن حسان، عن شعبة، عن عدي بن ثابت، عن علي فذكره. وقد روي من غير وجه عن علي. وهذا الذي أوردناه هو الصحيح من ذلك والله أعلم. وقال الإمام أحمد: ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا محمد بن فضيل، عن عبيد الله بن عبد الرحمن، أبي نصر، حدثني مساور الحميري، عن أبيه قال: سمعت أم سلمة تقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي: ((لا يبغضك مؤمن ولا يحبك منافق)). وقد روي من غير هذا الوجه عن أم سلمة بلفظ آخر ولا يصح. وروى ابن عقدة، عن الحسن بن علي بن بزيغ، ثنا عمرو بن إبراهيم، ثنا سوار بن مصعب، عن الحكم، عن يحيى الخزار، عن عبد الله بن مسعود سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من زعم أنه آمن بي وبما جئت به وهو يبغض علياً فهو كاذب ليس بمؤمن)). وهذا الإسناد مختلق لا يثبت والله أعلم. وقال الحسن بن عرفة: حدثني سعيد بن محمد الوراق، عن علي بن الحراز، سمعت أبا مريم الثقفي، سمعت عمار بن ياسر يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لعلي: ((طوبى لمن أحبك وصدق فيك، وويل لمن أبغضك وكذب فيك)). وقد روي في هذا المعنى أحاديث كثيرة موضوعة لا أصل لها. وقال غير واحد: عن أبي الأزهر أحمد بن الأزهر: ثنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن الزهري، عن عبد الله بن عبيد الله، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إلى علي فقال: ((أنت سيد في الدنيا سيد في الآخرة، من أحبك فقد أحبني، وحبيبك حبيب الله، ومن أبغضك فقد أبغضني، وبغيضك بغيض الله، وويل لمن أبغضك من بعدي)). (ج/ص: 7/392) وروى غير واحد أيضاً، عن الحارث بن حصيرة، عن أبي صادق، عن ربيعة بن ناجد، عن علي قال: دعاني رسول الله فقال: ((إن فيك من عيسى ابن مريم مثلاً أبغضته اليهود حتى بهتوا أمه، وأحبوه النصارى حتى أنزلوه بالمنزل الذي ليس هو له)). قال علي: ألا وإنه يهلك في اثنان محب مطري مفرط يقرطني بما ليس فيّ. ومبغض يحمله شنآني على أن يبهتني، ألا وإني لست بنبي، ولا يوحى إليّ، ولكني أعمل بكتاب الله وسنة نبيه ما استطعت، فما أمرتكم من طاعة الله حق عليكم طاعتي فيما أحببتم وكرهتم. لفظ عبد الله بن أحمد. قال يعقوب بن سفيان: ثنا يحيى بن عبد الحميد، ثنا مسهر، عن الأعمش، عن موسى بن طريف، عن عباية، عن علي قال: أنا قسيم النار، إذا كان يوم القيامة قلت: هذا لك وهذا لي. قال يعقوب: وموسى بن طريف ضعيف يحتاج إلى من يعدله، وعباية أقل منه ليس بشيء حديثه. وذكر أن أبا معاوية لام الأعمش على تحديثه بهذا. فقال له الأعمش: إذا نسيت فذكروني. ويقال: أن الأعمش إنما رواه على سبيل الاستهزاء بالروافض والتنقيص لهم في تصديقهم ذلك. قلت: وما يتوهمه بعض العوام بل هو مشهور بين كثير منهم، أن علياً هو الساقي على الحوض فليس له أصل، ولم يجئ من طريق مرضي يعتمد عليه. والذي ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يسقي الناس. وهكذا الحديث الوارد في أنه ليس أحد يأتي يوم القيامة راكباً إلا أربعة: رسول الله صلى الله عليه وسلم على البراق، وصالح على ناقته، وحمزة على العضباء، وعلي على ناقة من نوق الجنة رافعاً صوته بالتهليل. وكذلك ما في أفواه الناس من اليمين بعلي، يقول أحدهم: خذ بعلي، أعطني بعلي، ونحو ذلك كل ذلك لا أصل له بل ذلك من نزعات الروافض ومقالاتهم، ولا يصح من شيء من الوجوه، وهو من وضع الرافضة ويخشى على من اعتاد ذلك سلب الإيمان عند الموت، ومن حلف بغير الله فقد أشرك. حديث آخر قال الإمام أحمد: حدثني يحيى، عن شعبة، ثنا عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة، عن علي قال: مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا وجع وأنا أقول: اللهم إن كان أجلي قد حضر فأرحني، وإن كان آجلاً فارفع عني، وإن كان بلاء فصبرني. قال: ((ما قلت)): فأعدت عليه فضربني برجله، وقال: ((ما قلت ؟)) فأعدت عليه، فقال: ((اللهم عافه أو اشفه)). فما اشتكيت ذلك الوجع بعد. حديث آخر قال محمد بن مسلم بن داره: ثنا عبيد الله بن موسى، ثنا أبو عمر الأزدي، عن أبي راشد الحراني، عن أبي الحمراء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى يحيى بن زكريا في زهده، وإلى موسى في بطشه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب)). وهذا منكر جداً ولا يصح إسناده. (ج/ص: 7/393) حديث آخر في رد الشمس قد ذكرناه في (دلائل النبوة) بأسانيده وألفاظه فأغنى له عن إعادته. حديث آخر قال أبو عيسى الترمذي: حدثنا علي بن المنذر الكوفي، ثنا محمد بن فضيل، عن الأجلح، عن أبي الزبير، عن جابر قال: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً يوم الطائف فانتجاه، فقال الناس: لقد طال بخواه مع ابن عمه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما انتجيته ولكن الله انتجاه)). ثم قال: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث الأجلح. وقد رواه غير ابن فضيل، عن الأجلح، ومعنى قوله ((ولكن الله انتجاه)): أن الله أمرني أن أنتجي معه. حديث آخر قال الترمذي: ثنا محمد بن بشار، ويعقوب بن إبراهيم، وغير واحد، ثنا أبو عاصم، عن أبي الجراح، عن جابر بن صبح، حدثتني أمي أم شراحيل، حدثتني أم عطية قالت: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشاً فيهم علي. قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم رافعاً يديه يقول: ((اللهم لا تمتني حتى ترني علياً)). ثم قال: هذا حديث حسن. حديث آخر قال الإمام أحمد: حدثنا علي بن عاصم، قال حصين: أنا علي، عن هلال بن يساف، عن عبد الله بن ظالم المازني قال: لما خرج معاوية من الكوفة استعمل المغيرة بن شعبة قال: فأقام خطباء يقعون في علي، قال: وأنا إلى جنب سعيد بن زيد بن عمر بن نفيل، قال: فغضب فقام وأخذ بيدي وتبعته. فقال: ألا ترى إلى هذا الرجل الظالم لنفسه الذي يأمر بلعن رجل من أهل الكوفة، وأشهد على التسعة أنهم من أهل الجنة، ولو شهدت على العاشر لم آثم. قال: قلت: وما ذاك؟ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أثبت حراء فليس عليك إلا نبي أو صدّيق أو شهيد)). قال: قلت: من هم؟ فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، والزبير، وطلحة، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن مالك. قال: قلت: ومن العاشر؟ قال: قال: أنا. وينبغي أن يكتب هاهنا حديث أم سلمة المتقدم قريباً أنها قالت لأبي عبد الله الجدلي: أيسب رسول الله فيكم على المنابر؟ الحديث رواه أحمد. حديث آخر قال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن آدم، وابن أبي بكير قالا: ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حبشي بن جنادة السلولي - وكان قد شهد حجة الوداع - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((علي مني، وأنا منه، ولا يؤدي عني إلا أنا أو علي)). ثم رواه أحمد، عن أبي أحمد الزبيري، عن إسرائيل. (ج/ص: 7/394) حديث آخر قال أحمد: حدثنا وكيع قال: قال إسرائيل: قال أبو إسحاق، عن زيد بن بثيغ، عن أبي بكر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه ببراءة إلى أهل مكة لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ولا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، من كان بينه وبين رسول الله مدة فأجله إلى مدته، والله بريء من المشركين ورسوله. قال: فسار بها ثلاثاً، ثم قال لعلي: الحقه وردّ علي أبا بكر وبلغها أنت. قال: فلما قدم أبو بكر على رسول الله بكى. وقال: يا رسول الله حدث فيّ شيء؟ قال: ((ما حدث فيك إلا خير، ولكن أمرت أن لا يبلّغه إلا أنا أو رجل من أهل بيتي)). وقال عبد الله بن أحمد: حدثني محمد بن سليمان لوين، حدثنا محمد بن جابر، عن سماك، عن حبشي، عن علي قال: لما نزلت عشر آيات من براءة دعا رسول الله أبا بكر، فبعثه بها ليقرأها على أهل مكة، ثم دعاني، فقال لي: أدرك أبا بكر فحيث لحقته فخذ الكتاب منه فاذهب به إلى أهل مكة فاقرأه عليهم، فلحقته بالجحفة فأخذت الكتاب منه ورجع أبو بكر فقال: يا رسول الله نزل فيّ شيء ؟ قال: ((لا، ولكن جبريل جاءني فقال: لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل من بيتك)). وقد رواه كثير النواء، عن جمُيع بن عمير، عن ابن عمر بنحوه، وفيه نكارة من جهة أمره برد الصديق، فإن الصديق لم يرجع بل كان هو أمير الحج في سنة تسع. وكان علي هو وجماعة معه بعثهم الصديق يطوفون برحاب منى في يوم النحر وأيام التشريق ينادون ببراءة؟ وقد قررنا ذلك في حجة الصديق وفي أول تفسير سورة براءة. حديث آخر روي من حديث أبي بكر الصديق، وعمر، وعثمان بن عفان، وعبد الله بن مسعود، ومعاذ بن جبل، وعمران بن حصين، وأنس، وثوبان، وعائشة، وأبي ذر، وجابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((النظر إلى وجه علي عبادة)). وفي حديث عائشة: ذكر علي عبادة. ولكن لا يصح شيء منها، فإنه لا يخلو كل سند منها عن كذاب أو مجهول لا يعرف حاله، وهو شيعي. حديث الصدقة بالخاتم وهو راكع قال الطبراني: ثنا عبد الرحمن بن مسلم الرازي، ثنا محمد بن يحيى، عن ضريس العبدي، ثنا عيسى بن عبد الله بن عبيد الله بن عمر بن علي بن أبي طالب، حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي قال: نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل المسجد والناس يصلون بين راكع وقائم، وإذا سائل فقال: ((يا سائل هل أعطاك أحد شيئاً)) فقال: لا! إلا ها ذاك الراكع - لعلي - أعطاني خاتمه. (ج/ص: 7/395) وقال الحافظ ابن عساكر: أنا خالي المعالي القاضي، أنا أبو الحسن الخلعي، أنا أبو العباس أحمد بن محمد الشاهد، ثنا أبو الفضل محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحارث الرملي، ثنا القاضي جملة بن محمد، ثنا أبو سعيد الأشج، ثنا أبو نعيم الأحول، عن موسى بن قيس. عن سلمة قال: تصدق عليّ بخاتمه وهو راكع، فنزلت: وهذا لا يصح بوجه من الوجوه لضعف أسانيده، ولم ينزل في علي شيء من القرآن بخصوصيته، وكل ما يريدونه في قوله تعالى: وقوله: وقوله: وغير ذلك من الآيات والأحاديث الواردة في أنها نزلت في علي لا يصح شيء منها. وأما قوله تعالى: فثبت في (الصحيح) أنه نزل في علي، وحمزة، وعبيدة من المؤمنين، وفي عتبة، وشيبة، والوليد بن عتبة من الكافرين. وما روي عن ابن عباس أنه قال: ما نزل في أحد من الناس ما نزل في علي. وفي رواية عنه أنه قال: نزل فيه ثلثمائة آية، فلا يصح ذلك عنه لا هذا ولا هذا. حديث آخر قال أبو سعيد بن الأعرابي: ثنا محمد بن زكريا الغلابي، ثنا العباس بن بكار، أبو الوليد، ثنا عبد الله بن المثنى الأنصاري، عن عمه ثمامة بن عبد الله بن أنس، عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً بالمسجد وقد أطاف به أصحابه إذ أقبل علي فسلم. ثم وقف فنظر مكاناً يجلس فيه، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وجوه أصحابه أيهم يوسع له - وكان أبو بكر عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم - فتزحزح أبو بكر عن مجلسه وقال: هاهنا يا أبا الحسن. فجلس بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أبي بكر، فرأينا السرور في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أقبل على أبي بكر فقال: ((يا أبا بكر إنما يعرف الفضل لأهل الفضل)). فأما الحديث الوارد عن علي وحذيفة مرفوعاً ((علي خير البشر، من أبى فقد كفر ومن رضي فقد شكر)) فهو موضوع من الطريقين معاً، قبح الله من وضعه واختلقه. حديث آخر قال أبو عيسى الترمذي: ثنا إسماعيل بن موسى بن عمر الرومي، ثنا شريك، عن كهيل، سويد بن غفلة، عن الصنابحي، عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنا دار الحكمة وعلي بابها)). ثم قال: هذا الحديث غريب. قال: وروى بعضهم هذا الحديث عن ابن عباس. قلت: رواه سويد بن سعيد، عن شريك، عن سلمة، عن الصنابحي، عن علي مرفوعاً: ((أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت باب المدينة)). (ج/ص: 7/396) وأما حديث ابن عباس: فرواه ابن عدي من طريق أحمد بن سلمة أبي عمرو الجرحاني، ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأتها من قبل بابها)). قال ابن عدي: وهذا الحديث يعرف بأبي الصلت الهروي، عن أبي معاوية، سرقه منه أحمد بن سلمة هذا ومعه جماعة من الضعفاء، هكذا قال رحمه الله. وقد روى أحمد بن محمد بن القاسم بن محرز، عن ابن معين أنه قال: أخبرني ابن أيمن أن أبا معاوية حدث بهذا الحديث قديماً، ثم كف عنه قال: وكان أبو الصلت رجلاً موسراً يكرم المشايخ ويحدثونه بهذه الأحاديث. وساقه ابن عساكر بإسناد مظلم، عن جعفر الصادق، عن أبيه، عن جده، عن جابر بن عبد الله فذكره مرفوعاً. ومن طريق أخرى، عن جابر قال ابن عدي: وهو موضوع أيضاً. وقال أبو الفتح الأودي: لا يصح في هذا الباب شيء. حديث آخر يقرب مما قبله، قال ابن عدي: حدثنا أحمد بن حبرون النيسابوري، ثنا ابن أيوب أبو أسامة - وهو جعفر بن هذيل - ثنا ضرار بن صرد، ثنا يحيى بن عيسى الرملي، عن الأعمش، عن ابن عباية، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((على عيينة علي)). حديث آخر في معنى ما تقدم قال ابن عدي: ثنا أبو يعلى، حدثنا كامل بن طلحة، ثنا ابن لهيعة، ثنا يحيى بن عبد الله، عن أبي عبد الرحمن الجيلي، عن عبد الله بن عمرو بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مرضه: ((ادعوا لي أخي)). فدعوا له أبا بكر فأعرض عنه. ثم قال: ((ادعوا لي أخي)). فدعوا له عمر فأعرض عنه. ثم قال: ((ادعوا لي أخي)). فدعوا له عثمان فأعرض عنه. ثم قال: ((ادعوا لي أخي)). فدعي له علي بن أبي طالب فستره بثوب، وأكب عليه فلما خرج من عنده قيل له: ما قال؟ قال: علمني ألف باب يفتح كل باب إلى ألف باب. قال ابن عدي: هذا حديث منكر، ولعل البلاء فيه من ابن لهيعة فإنه شديد الإفراط في التشيع، وقد تكلم فيه الأئمة ونسبوه إلى الضعف. حديث آخر قال ابن عساكر: أنبأنا أبو يعلى، ثنا المقري، أنا أبو نعيم الحافظ، أنا أبو أحمد الغطريفي، ثنا أبو الحسين بن أبي مقاتل، ثنا محمد بن عبيد بن عتبة، حدثنا محمد بن علي الوهبي الكوفي، ثنا أحمد بن عمران بن سلمة - وكان ثقة عدلاً مرضياً -. ثنا سفيان الثوري، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فسئل عن علي. فقال: ((قسمت الحكمة عشرة أجزاء، أعطي علي تسعة والناس جزءاً واحداً)). وسكت الحافظ ابن عساكر على هذا الحديث ولم ينبه على أمره، وهو منكر بل موضوع مركب على سفيان الثوري بإسناده، قبح الله واضعه ومن افتراه واختلقه. حديث آخر قال أبو يعلى: ثنا عبيد الله بن عمر القواريري، ثنا يحيى، عن سعيد، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن علي قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن وأنا حديث السن ليس لي علم بالقضاء، قال: فضرب في صدري وقال: ((إن الله سيهدي قلبك ويثبت لسانك)). قال: فما شككت في قضاء بين اثنين بعد. (ج/ص: 7/397) وقد ثبت عن عمر أنه كان يقول: علي أقضانا، وأُبيّ أقرؤنا للقرآن. وكان عمر يقول: أعوذ بالله من معضلة ولا أبو حسن لها. حديث آخر قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا جرير بن عبد الحميد، عن مغيرة، عن أم موسى، عن أم سلمة قالت: والذي أحلف به إن كان علي بن أبي طالب لأقرب الناس عهداً برسول الله. عدنا رسول الله غداة بعد غداة يقول: ((جاء علي))؟ مراراً - وأظنه كان بعثه في حاجة - قالت: فجاء بعد فظننت أن له إليه حاجة فخرجنا من البيت عند الباب فقعدنا عند الباب فكنت من أدناهم إلى الباب. فأكب عليه علي فجعل يسارّه ويناجيه، ثم قبض من يومه ذلك فكان أقرب الناس به عهداً. وهكذا رواه عبد الله بن أحمد، وأبو يعلى، عن أبي بكر بن أبي شيبة به. حديث آخر في معناه قال أبو يعلى: حدثنا عبد الرحمن بن صالح، ثنا أبو بكر بن عياش، عن صدقة، عن جمُيع بن عمير: أن أمه وخالته دخلتا على عائشة فقالتا: يا أم المؤمنين، أخبرينا عن علي. قالت: أي شيء تسألن عن رجل وضع يده من رسول الله موضعاً فسالت نفسه في يده فمسح بها وجهه ثم اختلفوا في دفنه. فقال: إن أحب الأماكن إلى الله مكان قبض فيه نبيه صلى الله عليه وسلم ؟. قالتا: فلم خرجت عليه؟ قالت: أمر قضي، لوددت أني أفديه بما على الأرض. وهذا منكر جداً وفي (الصحيح) ما يرد هذا والله أعلم. حديث آخر قال الإمام أحمد: ثنا أسود بن عامر، حدثني عبد الحميد بن أبي جعفر - يعني: الفراء - عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن زيد بن يثيغ، عن علي قال: ((قيل يا رسول الله من نؤمر بعدك؟ قال: أن تؤمروا أبا بكر تجدوه أميناً زاهداً في الدنيا راغباً في الآخرة. وأن تؤمروا عمر تجدوه قوياً أميناً لا يخاف في الله لومة لائم. وأن تؤمروا علياً - ولا أراكم فاعلين - تجدوه هادياً مهدياً يأخذ بكم الطريق المستقيم)). وقد روي هذا الحديث من طريق عبد الرزاق، عن النعمان بن أبي شيبة، وعن يحيى بن العلاء، عن الثوري، عن أبي إسحاق، عن زيد بن يثيغ، عن حذيفة، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه. ورواه أبو الصلت الهروي عبد السلام بن صالح، عن ابن نمير، عن الثوري، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن زيد بن يثيغ، عن حذيفة به. وقال الحاكم أبو عبد الله النيسابوري: أنا أبو عبد الله محمد بن علي الآدمي بمكة، ثنا إسحاق بن إبراهيم الصنعاني، أنا عبد الرزاق بن همام، عن أبيه، عن ابن ميناء، عن عبد الله بن مسعود قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة وفد الجن. قال: فتنفس. فقلت: ما شأنك يا رسول الله ؟. قال: ((نعيت إلىّ نفسي)). قلت: فاستخلف. قال: ((من)) ؟ قلت أبا بكر؟ قال: فسكت ثم مضى ثم تنفس. قلت: ما شأنك يا رسول الله؟ قال: ((نعيت إليّ نفسي يا ابن مسعود)). قلت: فاستخلف. قال: ((من))؟ قلت: عمر. (ج/ص: 7/398) قال: فسكت ثم مضى ساعة ثم تنفس. قال: فقلت: ما شأنك يا رسول الله؟ قال: ((نعيت إليّ نفسي يا ابن مسعود)). قلت: فاستخلف. قال: ((من))؟ قلت: علي بن أبي طالب. قال: ((أما والذي نفسي بيده لئن أطاعوه ليدخلن الجنة أجمعين أكتعين)). قال ابن عساكر: همام وابن ميناء مجهولان. حديث آخر قال أبو يعلى: ثنا أبو موسى - يعني: محمد بن المثنى - حدثنا سهيل بن حماد، أبو غياث الدلال، ثنا مختار بن نافع الفهمي، ثنا أبو حيان التيمي، عن أبيه، عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رحم الله أبا بكر زوجني ابنته، وحملني إلى دار الهجرة، واعتق بلالاً من ماله. رحم الله عمر يقول الحق وإن كان مراً تركه الحق وماله من صديق. رحم الله عثمان تستحيه الملائكة. رحم الله علياً دار الحق معه حيث دار)). وقد ورد عن أبي سعيد وأم سلمة أن الحق مع علي رضي الله عنه. وفي كل منهما نظر والله أعلم. حديث آخر قال أبو يعلى: ثنا عثمان بن جرير، عن الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، عن أبيه، عن أبي سعيد قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله)). فقال أبو بكر: أنا هو يا رسول الله. قال: ((لا !)) فقال عمر: أنا هو يا رسول الله. قال: ((لا !)) ولكنه خاصف النعل)) - وكان قد أعطى علياً نعله يخصفه -. ورواه الإمام البيهقي: عن الحاكم، عن الأصم، عن أحمد بن عبد الجبار، عن أبي معاوية، عن الأعمش به. ورواه الإمام أحمد: عن وكيع، وحسين بن محمد، عن فطر بن خليفة، عن إسماعيل بن رجاء به. ورواه البيهقي أيضاً: من حديث أبي نعيم، عن فطر بن خليفة، عن إسماعيل بن رجاء، عن أبيه عن أبي سعيد به. ورواه فضيل بن مرزوق: عن عطية، عن أبي سعيد. وروي من حديث علي نفسه. وقد قدمنا هذا الحديث في موضعه في قتال علي أهل البغي والخوارج ولله الحمد. وقدمنا أيضاً حديث علي للزبير: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لك: ((أنك تقاتلني وأنت ظالم)). فرجع الزبير وذلك يوم الجمل، ثم قتل بعد مرجعه في وادي السباع. وقدمنا صبره وصرامته وشجاعته في يومي الجمل وصفين، وبسالته وفضله في يوم النهروان، وما ورد في فضل طائفته الذين قتلوا الخوارج من الأحاديث، وذكرنا الحديث الوارد من غير طريق عن علي، وأبي سعيد، وأبي أيوب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره بقتال المارقين، والقاسطين، والناكثين، وفسروا الناكثين بأصحاب الجمل، والقاسطين بأهل الشام، والمارقين بالخوارج، والحديث ضعيف. تم الجزء السابع من كتاب البداية والنهاية ويليه الجزء الثامن، وأوله فصل في ذكر شيء من سيرته العادلة، وسريرته الفاضلة، و خطبه الكاملة.
|